محلي

مايو الكبرياء: تاريخ أسسه الكبار

أحمد حوذان

|
قبل 4 ساعة و 59 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

 22 مايو، ذكرى عزيزة سُطّرت في تاريخ اليمن الحديث بإرادة جمعت شطري وطن طالما تاق إلى الوحدة. يومٌ استشعر فيه اليمنيون نشوة الانتماء إلى كيان واحد، رافعين علمًا واحدًا، متطلعين إلى مستقبل مزدهر تحت سماء موحدة. لكن، وبينما تحتفي الذاكرة بإنجاز الوحدة في الثاني والعشرين من مايو قبل خمسة وثلاثين عامًا، يمر هذا العيد اليوم على يمنٍ مثقل بالجراح، تمزقه الصراعات وتتهدده مشاريع التقسيم، وعلى رأسها مليشيا الحوثي الإرهابية.

في الثاني والعشرين من مايو عام 1990، سُطر فصل جديد في تاريخ اليمن، توحدت فيه شطرا الوطن بعد عقود من الانقسام. كان ذلك اليوم ثمرة جهود حثيثة وتضحيات عظيمة من رجالات آمنوا بوحدة تراب اليمن وشعبه. إنه "مايو الكبرياء"؛ لأنه يرمز إلى إرادة شعب تجاوز خلافاته ليبني وطنًا واحدًا، ويُعلي من قيم التماسك والوحدة.
هذا العام، وفي ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، يتجدد الاحتفال بهذه الذكرى، ولكن بمشاعر أكثر عمقًا. فمع كل تحدٍ يواجهه اليمن، يزداد إيمان أبنائه بضرورة التمسك بمبدأ الوحدة، الذي يمثل صمام الأمان لمستقبل البلاد. يتذكر اليمنيون اليوم بحسرة الماضي الجميل الذي شهد الوحدة، ويسعون جاهدين لاستعادة روح التوافق والوئام التي ميزت تلك المرحلة.

لم يعد التهديد اليوم محصورًا في عودة الشطرين إلى ما كانا عليه، بل باتت البلاد تواجه خطر التفتت إلى كيانات متصارعة، تفقد معها هويتها الجامعة ومقدراتها الوطنية. اليمنيون الذين عاصروا نشوة الوحدة يعرفون قيمتها جيدًا، ويتجرعون اليوم مرارة التهديد الذي يحدق بها، لا سيما مع استمرار عبث المليشيا الحوثية التي تسعى لفرض مشروعها الانقلابي بقوة السلاح وتقويض أسس الدولة اليمنية وهويتها الوطنية.

ورغم كل التحديات والانتكاسات، لا يزال في قلب كل يمني أصيل جذوة أمل متقدة، وشوق دفين إلى استعادة تلك اللحظة التاريخية الخالدة. الوحدة ليست مجرد ذكرى عابرة، بل هي حلم يتجدد في نفوس الأجيال المتعاقبة، وإرادة صلبة لمواجهة قوى التمزق والفرقة.

لكن الاحتفاء بالوحدة هذا العام يأتي بنكهة مختلفة، ممزوجة بمرارة الواقع وضرورة استخلاص العبر. فالمشاريع الصغيرة التي تسعى للنيل من وحدة اليمن واستقراره، وعلى رأسها مليشيا الحوثي المدعومة إقليميًا، تدرك جيدًا قيمة هذا اليوم ورمزيته، وتسعى بكل قوتها لتقويض أسسه وتشويه معانيه.

إلا أن إرادة الشعب اليمني العظيم، الذي عرف عبر تاريخه الطويل كيف يتجاوز المحن ويصمد في وجه التحديات، تبقى أقوى من كل المؤامرات. اليمن أغلى من أن يُترك ليعبث به العابثون، ووحدته أسمى من أن تُدنسها أيديولوجيات دخيلة وأجندات خارجية.

إن ذكرى الوحدة يجب أن تكون هذا العام وقودًا يدفع اليمنيين الشرفاء إلى توحيد صفوفهم ورصّ كلمتهم في مواجهة مشروع الحوثي التدميري. يجب أن تكون حافزًا لاستعادة الدولة ومؤسساتها، وفرض الأمن والاستقرار في كل ربوع اليمن، بما في ذلك صنعاء التي تختطفها المليشيا وتحاول فرض رؤيتها القاتمة عليها.

اليمن اليوم بأمس الحاجة إلى أبنائه المخلصين، الذين يؤمنون بوحدته أرضًا وشعبًا ومصيرًا مشتركًا. الوحدة ليست شعارًا يُرفع في المناسبات، بل هي مسؤولية تقع على عاتق كل يمني حر، يدعوه واجبه الوطني إلى العمل بجد وإخلاص من أجل تحقيقها واقعًا ملموسًا.

إن عيد الوحدة هذا العام ليس مجرد احتفال بتاريخ مضى، بل هو دعوة للتأمل في الحاضر والتطلع إلى مستقبل تُعاد فيه لليمن عافيته وسلامته، مستلهمين من ذلك اليوم العظيم الذي أسسه الكبار، حكمة البناء ووحدة الصف.
فلنجعل من ذكرى الوحدة هذا العام، انطلاقة جديدة نحو بناء يمن موحد، آمن، مزدهر، يستعيد مكانته اللائقة بين الأمم. لنستلهم من إرادة الآباء المؤسسين الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح والرئيس علي سالم البيض، روح المسؤولية والشجاعة والحكمة في مواجهة التحديات الراهنة، وإعادة كتابة مستقبل اليمن بأيدي أبنائه الأوفياء. الوحدة هي خيارنا الاستراتيجي، وسبيلنا الوحيد نحو استعادة اليمن وعزته وكرامته.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية