لم تكتف العصابة الحوثية بحملات اعتقال واسعة، ثم عسكرة العاصمة صنعاء ونشر تعزيزات أمنية مكثفة ونقاط مستحدثة في مداخلها وشوارعها لإرهاب المواطنين، بل وصل بها التوتر والرعب إلى حرمان قيادات عسكرية وقبلية ورجال أعمال من أي تحركات أو سفريات خارج صنعاء، بجانب اعتقالات جديدة طالت معلمين وتربويين.
كغريق يتشبث بمن حوله لإنقاذ نفسه أو إغراقهم معه، تأبى العصابة الحوثية أن تواجه حروبها المدمرة دون أن تجر اليمنيين معها، كرهائن حرب يعيشون رعبها وتوترها ويحرمون من حقهم في الأمان من الغرق، والنأي بأنفسهم بعيداً عن مغامراتها الجنونية التي أنهكت البلد وأقحمته في حروب مدمرة لم تتوقف لعشر سنوات!.
فبعد ساعات فقط من عسكرة العاصمة صنعاء ونشر تعزيزات أمنية مكثفة ومدرعات ونقاط مستحدثة في مداخلها وشوارعها لإرهاب المواطنين، وما سبقها من حملة اعتقالات لمدنيين ابرياء، كشفت مصادر محلية مطلعة في صنعاء عن صدور توجيهات حوثية طارئة تقضي بمنع قيادات عسكرية وسياسية وقبلية من مغادرة المدينة، بالإضافة إلى شخصيات اقتصادية مرموقة.
القرارات بحسب المصادر شملت قادة عسكريين بارزين، ومشايخ قبائل، وبرلمانيين، ووكلاء وزارات ومدراء عموم، فضلًا عن مشرفين إداريين يتبعون المليشيا في مختلف المؤسسات الحكومية، كما طالت الإجراءات رجال أعمال مقيمين في صنعاء تم إبلاغهم رسميًا بوقف أي تحركات أو سفر خارج العاصمة بشكل فوري!
قرارات تعسفية وصفها مراقبون بخطوة هيستيرية تعكس حالة القلق المتعاظم لدى المليشيا الارهابية بشأن استقرارها الداخلي، في ظل تصاعد التوترات داخل مناطق سطوتها منذ بدء العمليات العسكرية الأمريكية.
ولم يتوقف الهلع الحوثي هنا، بل تزامن ذلك مع حملة اعتقالات جديدة واسعة النطاق طالت قيادات ميدانية ووجاهات قبلية موالية للمليشيا في محافظات صنعاء وعمران وذمار، على خلفية شكوك بالتجسس وتسريب إحداثيات لما تصفه الجماعة بـالعدوان الأمريكي، حيث كشفت مصادر مطلعة في صنعاء عن اعتقال أكثر من 25 شخصية بارزة في حملة متزامنة، لافتة إلى أن المليشيا وسعت حملتها لتطال شريحة أخرى هم المعلمون المحرومون من رواتبهم منذ ثمان سنوات، بدلًا من مكافأتهم على صبرهم.
وأفادت مصادر تربوية بأن الحوثيين نفذوا حملة اعتقالات استهدفت بشكل خاص معلمين وشخصيات اجتماعية في مديريتي رازح بمحافظة صعدة وسفيان بمحافظة عمران. وشملت الاعتقالات قيادات تربوية بارزة، بينهم نائب رئيس مكتب التربية سابقًا عبده صالح أحمد، ومعلمون آخرون وموجهون، ووجهت لهم تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، التي نفذت وفقًا لتقارير حوثية رسمية 333 غارة جوية على محافظة صعدة.
وأكدت المصادر أن الحملة الحوثية يقودها القيادي البارز في جهاز الأمن الوقائي والاستخبارات الحوثية، المدعو حسن الحُمران والقيادي محمد المحطوري.. وبحسب المصادر، فإن الحمران صعّد من حملة الاعتقالات على خلفية مقتل أحد أقاربه الذي كان ينتحل منصب وكيل محافظة صعدة في غارة أمريكية، أصيب فيها أيضًا المدعو الرازحي منتحل منصب محافظ صعدة ومرافقوه.
وتأتي هذه الحملة وسط اتهامات واسعة النطاق للسكان المحليين بتسريب معلومات عسكرية حساسة، مما يثير مخاوف جدية بشأن تصاعد وتيرة القمع والانتهاكات في المعقل الرئيسي للمليشيا والمناطق المحيطة بها.