بينما غرقت شوارع العاصمة المؤقتة عدن، بمياه الأمطار والسيول وطفح المجاري، عاد ملف التمويلات الدولية المخصصة لمشاريع المياه والصرف الصحي والإصحاح البيئي في اليمن إلى واجهة الجدل، مع تساؤلات متزايدة حول مصير أكثر من مليار دولار صُرفت خلال السنوات الماضية دون أن يلمس المواطنون نتائجها على أرض الواقع.
فمنذ عام 2015 وحتى 2024، تلقت مؤسسات حكومية ومنظمات منفذة تمويلات ضخمة تحت لافتة تحسين خدمات المياه والصرف الصحي، غير أن البنية التحتية في المدن اليمنية، وفي مقدمتها عدن، ما تزال عاجزة عن مواجهة أبسط التحديات، حيث حاصرت السيول عشرات الأحياء وتدفقت مياه المجاري في الشوارع، لتتحول إلى مكرهة صحية تهدد السكان بكوارث بيئية.
وفي هذا السياق، كشف الناشط المتخصص بملفات الفساد عبدالقادر الخراز أن حجم التمويلات التي دخلت البلاد في هذا المجال تجاوزت مليار دولار، مؤكداً أن الأموال حُولت عبر قنوات مالية بعضها كان يمر من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وأن ملفات موثقة بتلك التمويلات سُلّمت لنيابة الأموال العامة. الخراز تساءل عن مصير تلك المبالغ، داعياً إلى مساءلة وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي ومسؤولي مشروع المدن الحضرية في عدن.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع مصورة تُظهر حجم الأضرار في شوارع عدن نتيجة الأمطار الغزيرة، وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة البيئية والصحية في ظل غياب حلول جذرية تعالج البنية التحتية المتهالكة للمدينة.
وتتزايد في الأثناء الدعوات المحلية لمراجعة أداء المنظمات الدولية وفتح تحقيق شفاف حول مصير التمويلات المرصودة لمشاريع المياه والصرف الصحي، باعتبار أن ما تشهده عدن اليوم يمثل نموذجاً صارخاً لفشل تلك المشاريع في التخفيف من معاناة السكان.