محلي

"أكليد": هجمات الحوثيين في البحر الأحمر كانت عشوائية واستهدفت سفناً تجارية مرتبطة بأكثر من 50 دولة

اليمن اليوم - خاص

|
قبل 6 ساعة و 6 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

كشف تحليل أعده "مشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة" (أكليد) أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر كانت عشوائية واستهدفت سفناً تجارية مرتبطة بأكثر من 50 جنسية (دولة).

وأظهر تحليل المؤسسة الأكاديمية والبحثية الأمريكية أن 17% فقط من هذه السفن كانت لها ارتباطات معروفة علناً بإسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية أو المملكة المتحدة.

وكانت السفن المرتبطة باليونان هي الأكثر استهدافاً (27%)، تليها تلك المسجلة في ليبيريا (8%)، وقبرص (7%)، وبنما (5%).

وفي الواقع، طبّق الحوثيون معيارًا فضفاضًا في تحديد الانتماء لإسرائيل، مستهدفين شركات مثل شركة الشحن السويسرية الإيطالية المتوسطية (MSC)، التي تربط مالكيها صلات عائلية بإسرائيل. وبشكل عام، عززت هذه المعايير الفضفاضة الاعتقاد بأن الشحن التجاري كان مستهدفًا عشوائيًا، ما يتناقض مع مزاعم الحوثيين بأن "جميع السفن التجارية آمنة".

وخلال أزمة البحر الأحمر، أرسلت بعض السفن التجارية رسائل عبر أنظمة البث والتعريف الخاصة بها، مثل "غير متجهة إلى إسرائيل".

وجاء ذلك بناءً على نصيحة قادة الحوثيين بتجنب الاستهداف المحتمل. وحاولت سفن أخرى إخفاء موقعها ووجهتها بإيقاف أنظمة البث. ومع ذلك، في عدة مناسبات، كان استهداف الحوثيين غير دقيق وغير مرتبط بالوجهة أو الجنسية.

وأعلن عن توسيع هجمات الحوثيين على الشحن التجاري في 14 نوفمبر 2023، تماشيًا مع دعوة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في وقت سابق من ذلك الشهر لفرض حظر على إسرائيل. وبدأ الأمر باختطاف سفينة "جالاكسي ليدر" في 19 نوفمبر 2023- وهي عملية تردد صداها عالميًا- واستمرت بهجمات على سبع سفن إضافية.

وعلى مدار العام ونصف العام الماضيين، شنت الجماعة أكثر من 520 هجومًا استهدفت ما لا يقل عن 176 سفينة ونفذت 155 ضربة على الأراضي الإسرائيلية.

وقال التحليل إنه "عادةً ما يصوّر الحوثيون هذه الهجمات، إلى جانب الضربات على إسرائيل، على أنها أعمال تضامن مع غزة وردود فعل مباشرة على العمليات العسكرية الإسرائيلية. وبناءً على هذا الأساس المنطقي، ربطت قيادة الحوثيين عملياتها بمسار حرب غزة، ولا سيما وقف جميع الهجمات بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في 19 يناير 2025".

وأضاف: "غالبًا ما يساء تفسير هذا الارتباط الأخير على أنه دليل على أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر رد مباشر على التطورات في غزة. في الواقع، هذا ليس صحيحًا لسببين على الأقل. أولًا، بغض النظر عن الوضع في غزة، استغل الحوثيون هذه الهجمات لخدمة أجنداتهم المحلية والإقليمية. ثانيًا، على الرغم من خطابهم العلني، لم يظهروا استعدادًا يذكر للقيام بعمليات من شأنها الإضرار بمصالحهم الاستراتيجية".

ووفقاً للتحليل فقد روّج الرئيس الأمريكي ترامب لوقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين في 6 مايو على أنه نجاح باهر. وبالفعل، أدى ذلك إلى توقف هجمات الحوثيين على السفن الأمريكية. وفيما يتعلق بالقضاء على قيادة الحوثيين، فرغم استهداف ما لا يقل عن 30 غارة جوية لقادة الحوثيين، إلا أن معظمها أصاب مناطق سكنية ومركبات خاصة وتجمعات وبنية تحتية حكومية، ولم يقتل سوى ضباط من الرتب المتوسطة.

وكان هدف إضعاف قدرة الحوثيين بالكامل بعيدًا عن التحقق، كما يتضح من استمرار الهجمات على إسرائيل بمستويات متواصلة. في الواقع، احتفل الحوثيون بوقف إطلاق النار باعتباره استسلامًا للولايات المتحدة.

وأكد تحليل "أكليد" أن الحوثيين استغلوا أزمة البحر الأحمر داخليًا بشكل غير مباشر.

وتحظى القضية الفلسطينية بشعبية واسعة في اليمن، فمنذ أكتوبر 2023، تجاوز عدد المظاهرات المؤيدة لفلسطين التي رعاها الحوثيون بأكثر من ضعف جميع المظاهرات الأخرى المسجلة في اليمن منذ عام 2015. علاوة على ذلك، عززت الأزمة عمليات التجنيد، حيث يقدّر عدد مقاتلي الحوثيين الآن بحوالي 350 ألف مقاتل. في الوقت نفسه، منحت الغارات الجوية الأمريكية والإسرائيلية الحوثيين ذريعة لتكثيف القمع وإسكات المعارضة في الداخل.

ولم يقرّ الحوثيون علنًا قط بوقف هجماتهم على السفن التجارية، ومن المرجّح أن هذا التحول يعكس حسابات استراتيجية متعددة. أولًا، من المرجّح أن شهورًا من الهجمات المتواصلة والغارات الأمريكية قد أدت إلى تدهور جزء من ترسانة الحوثيين، ما دفع الجماعة إلى الاحتفاظ بالطائرات المسيّرة والصواريخ لتجديد مخزونها ومواصلة عملياتها على المدى الطويل.

ثانيًا، اعتمد الحوثيون منذ فترة طويلة على استراتيجية المكاسب الهامشية، مستخدمين ضربات رمزية في الغالب لتضخيم إدراك المخاطر. وبهذا المعنى، يمكن لعدد محدود من الهجمات أن يحدث آثارًا نفسية واستراتيجية كبيرة دون استنزاف الموارد.

أخيرًا، قد يعكس توقف استهداف الشحن التجاري جهدًا متعمدًا لفصل هجمات البحر الأحمر عن القضية الفلسطينية. فمن خلال تخفيف الضغط على التجارة البحرية، يرجّح أن الحوثيين سعوا إلى الحد من ردود الفعل الدولية السلبية، مع مواصلة دعم القضية الفلسطينية من خلال نشاط عسكري أكثر استهدافًا.

وأشار التحليل إلى أن هذا التحول يتماشى مع التطورات الأخيرة. فقد أعلن الحوثيون استئناف هجماتهم على السفن التجارية الإسرائيلية في مناسبتين منفصلتين: الأولى في 11 مارس 2025، عندما أعادوا فرض "حظر مرور جميع السفن الإسرائيلية" في البحر الأحمر،  والثانية في 20 مايو 2025، عندما أعلنوا "حظرًا شاملًا على الملاحة البحرية من وإلى ميناء حيفا". إلا أنهم لم ينفذوا هذه الهجمات.

 

 

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية