آراء

خرائط لطرق غير موجودة..!!

وسام عبدالقوي

|
قبل 9 ساعة و 21 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

في نسق زمني شبه دوري وشبه منتظم، تطل علينا الأمم المتحدة ومن ورائها جيش من السياسيين والناشطين والإعلاميين من فترة لأخرى بالحديث عن خارطة الطريق.. وطوال العشرة الأعوام كان هناك خرائط طرق أو مشاريع لخرائط طرق عدة، تشبه في أثرها وفاعليتها الأقراص أو الإبر المسكنة، إذا لم نقل المخدرة، خرائط تبدو وكأنها منتظمة ومتواترة وملفعة بحزمة من الآمال الكاذبة، التي أصبحت في غالب الأحوال لا تتماشى مع ما صارت إليه الأزمة اليمنية.. بل وأحياناً تتسبب هي ذاتها في إيجاد أسباب عدم منطقيتها وتقبل الواقع لسريانها..!!

كثيراً ما يتحدثون عن خارطة طريق، في حين لم يعد هناك طريق واضح يمكن أن توضع له خارطة..!! مع العلم أن وضع خارطة طريق لا يمكن يكون مستمراً ما دامت الأوضاع والتوازنات غير مستقرة على حالها، فخارطة الطريق لمرحلة متحركة وغير ثابتة، لا يمكن تكون صالحة ومتوافقة مع المرحلة التي تليها..!! والعاملون على الأزمة اليمنية، سواء من داخل الأمم المتحدة أو خارجها، يدركون ذلك أكثر من سواهم.. فهم يعلمون أن المتغيرات التي تحدث في الأزمة اليمنية، تحت أنظارهم وبمساهمة منهم، بين فترة وأخرى، تلزم بالضرورة متغيرات متوافقة معها في جسد ومحتوى الخارطة المزعومة التي يفترض المراهنة عليها..!!

عموماً فإنه يجب الإشارة إلى أن خرائط الطرق التي عرفناها وظهرت منذ بداية الأزمة، لم نشهد حتى مرة واحدة، أنها ذهبت بالأزمة باتجاه صحيح على الإطلاق، ولم يحدث أن استفاد منها أحد ممن يجب أن يستفيدوا منها في صف الشعب أو الشرعية التي يفترض أنها ممثلة لهذا الشعب، أو نائبة عنه في التصدي للانقلاب، بقدر ما ذهبت عوائدها وفوائدها في الغالب باتجاه مصلحة المليشيا الانقلابية، إلى حد أن عامة الناس في الشارع اليمني أصبحوا حين يسمعون الحديث عن خارطة طريق، يبدأون في التساؤل: ترى ما الذي تقرر منحه أو تسهيله للعصابة الحوثية هذه المرة..؟!

وكما أشرنا ففي غالب الأمر تتضمن خرائط الطرق عناوين أو مانشيتات إغرائية عامة تتماشى مع احتياجات عامة الشعب، كوقف إطلاق النار وفتح الطرقات المغلقة وتبادل الأسرى وصرف رواتب موظفي الدولة.. مغريات تسيل اللعاب، إلا أن لعاب اليمنيين لم يعد يجري إزاءها، فقد جف لعابهم وتكلست أفواههم، نتيجة تكرار الكذب والاعتياد سواء على إنتاجه من رعاة الأزمة أو على تلقيه من قبل الشعب المغلوب على أمره..!! وأصبح التعامل مع هذا المسمى (خريطة طريق) كالتعامل مع غيبيات الأديان الوضعية، التي يجب الإيمان بها وإن لم يُدرك تحققها أو حتى يتم الإيمان بهذا التحقق..!!

ما أود الإشارة إليه صراحة هو أن فكرة خرائط الطرق، هي واحدة من الألاعيب التي مورست ولا تزال تمارس في حقنا، خصوصا فيما احتوت وتحتوي عليه من مغريات لم تتحقق، أو هبات ومُنح مجانية ذهبت باتجاه الانقلاب، فهو أكثر طرف استفاد من تلك المبادرات الخرائطية أو (الخرطية)..!! وأنها أحد العوامل الأساسية التي شكلت روافع وقتية ومرحلية للانقلاب، ليصل إلى ما وصل إليه، وليصبح طرفاً ذا ثقل، يجب الموازنة بينه كطرف وبين الشرعية والشعب كطرف آخر، وليس هذا وحسب بل ووصل الأمر إلى أن يصل ثقله إلى خارج البلد، وتصبح الموازنة بينه وبين قوى دولية لم يكن ليتخيل هو أو أحد غيره أن يوضع رأسه بموازاة رأسها الضخم جداً..!!

هذه ربما وقفة عامة وعابرة فقط.. وهناك حديث ذو شجون وحسرات، حول خرائط الطرق والتسويات المزعومة، ووضعها التآمري الخطير، وأثرها العكسي المخيب للآمال، ومن يقف وراءها ويغذيها في الأزمة اليمنية.. سأحاول تجرعه في وقفات ومقالات قادمة أخرى بإذن الله تعالى...

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية